في هذه المدونة سيقوم فريد شخاتره بالحديث عن قضية الخطر الذى تواجهه وظيفة المعلم فى ظل انتشار نظام التعليم عن بعد فى العالم تزامناً مع أزمة كرونا مما يفتح المجال لفرضية استمراره إلى الأبد
قم بالتحميل
هل تريد الأردن القضاء على وظيفة المعلم
أولاً : نظرة في تاريخ الوظيفة ومدى تأثير الثورة الصناعية.
في عصور ما قبل الآلة الحديثة، كان لعمال الأعمال اليدوية دوراً كبيراً في الاقتصاد العالمي حيث كانت الحياة البسيطة للمجتمعات تتطلب جهد البشر بشكل مباشر لإنتاج أدواتها وزراعة وحصاد طعامها وغزل ملابسها وإلخ. ولكن عندما جاءت الثورة الصناعية في أواسط القرن الثامن عشر خاصة في قارة أوروبا، هنا تقلصت وانحصرت الكثير من الأعمال اليدوية التي أًصبحت الألة قادرة على أدائها بشكل أسرع وأكثر كفاءة وأقل تكلفة. وفي هذه اللحظة وجد الكثير من العمال أنفسهم دون فائدة بعد أن فقدوا الشيء الوحيدة الذين يجيدون عمله وبدأ العصر الرأسمالي الحديث الذى خلف وراءه عالم جديد مختلف متطور وأكثر مرونة واتصالاً ولكنه دهس في طريقه كل من رفض التطور والمواكبة والتعلم من هذه الثورة الصناعية التي تطلبت من الإنسان امتلاك مهارات خاصة لا تسطيع الآلة القيام بها وأداؤها حتى يجد لنفسه مكاناً وظيفياً يستطيع منه أن يجني أموالاً تكفل له حياة كريمة متطورة وسعيدة. . .
هل التعليم عن بعد سيؤثر على وظيفة المعلم التقليدي؟
في الآونة الأخيرة شهد العالم قفزات متتالية في تغير نظم التعليم التقليدية بعد أن ساعدت شبكات الأنترنت في توطيد مفهوم العولمة التي تجعل من العالم كقرية صغيرة يستطيع من في أقصى الشرق التواصل مع من في أقصى الغرب بالكتابة والمحادثة الصوتية والفيديو أيضاً. وهنا اكتشفت العديد من أكبر جامعات العالم بانها تستطيع أن تقدم علمها ومناهجها عن طريق الإنترنت لكل من يريد أن يتعلم في أي مكان في العالم. بالإضافة إلى العديد من أساتذة العلوم المختلفة الذين قرروا أن يقدمون كورسات تعليمية بأجر أو بشكل مجاني من خلال منصات التعليم المختلفة والمتنوعة، المتوفرة في كل مكان. وهنا ظهرت المشكلة الكبرى أن المعلم لم يعد في منافسة فقط مع زملاؤه في المدرسة نفسها أو في المدينة أو في المحافظة أو حتى في الدولة بل أصبح العالم كله كأنه مدرسة واحد يتنافس فيها المعلمون بكفاءتهم وطرقهم في شرح وتبسيط العلوم وغيرها من مهارات التعليم.
هل الشهادة هي المعبر الحقيقي عن الكفاءة فى هذا العصر؟
تعلمنا في مجتمعاتنا الشرقية أن الشهادات الورقية التي تصدرها لنا الجامعات هي كل شيء وهي من تكفل لنا مستقبل أفضل وحياة أكرم ومكانة اجتماعية ومصدر دخل وغيره من هذا القبيل. ولكن ما نراه في الغرب الآن أن المهارة هي المطلب الأساسي لضمان كل هذا الامتيازات لأن باختصار شهاداتك الجامعية هي مجرد ورقة بها أختام لا تثبت على الإطلاق امتلاكا لمهارة مميزة على أرض الواقع تسطيع بها أن تساهم في تطور الحضارة ومواكبة التقدم . وهذا واضح بشكل كبير للغاية في رواد الأعمال في العالم الذين يمتلكون ثروات هائلة وهم لم يكملوا دراستهم الجامعية في الأساس وأبسط مثال على ذلك هو مارك زوكربيرج مؤسس موقع فيسبوك أشهر مواقع التواصل الاجتماعي في العالم والذى يضم حسابات لمليارات البشر حول كوكب الأرض. أسس مارك موقعه العملاق هذا دون أن يكمل دراسته الجامعية في جامعة هارفارد لأنه ببساطة لا يحتاج لورقة تثبت مهاراته فالمهارات تستطيع التحدث عن نفسها بنفسها. لذلك ننصح جميع المتعلمين أن يبحثوا بأنفسهم أولاً عن مهاراه خاصة تميزهم وتوفير الجهد والوقت فقط في سبيل تطويرها وتحفيزها لأن هذا هو الضامن الوحيد للنجاح.
ما هي الحلول المتاحة إمام المعلمين المهددين بفقدان الوظيفة؟
في هذا العالم الرقمي الحديث لن يشفع لك كمعلم إلا أن تكون جزء من هذا التطور لأن العالم لن يرجع إلى الخلف ولن يتراجع فإما أن تتطور وتواكب تقدمه أو أن تجلس فى انتظار أن يدهسك قطار التقدم تحت عجلاته. لذلك النصيحة الأولى هى أن تدرس العيوب والثغرات لهذا النظام الجديد وتعمل على إنشاء برنامج خالص بك يكون مكمل للنظام هذا لا معارض له لإنك لن تسطيع المعارضة كمان وضحنا. فمن الآن على كل من يريد استكمال وظيفته بأمان أن يسارع بخطوات المواكبة منذ اللحظة حتى يجد نفسه بعد سنة أو سنتين قادراً على أن يكون جزءاً من هذا النظام الذكي الجديد الذى سيفرض نفسه على الجميع دون رحمة. وأصبحت منصات الانترت الآن تساعد كل من يرغب فى التطور كما إنها تساعدك أيضاُ فى أن تنشر بضاعتك وتسوق لها لملايين البشر وأنت جالس فى مكتبك.
الاستنتاج
خلاصة هذه المدونة أن التكنولوجيا ستنتصر كالعادة ولن تلتفت فى طريقها إلى أى مقصر أو راغب فى العودة إلى الخلف وقد تجلت فى أزمة الوباء الأخيرة الكثير من الأشياء على النحو الذى يهدد العديد من الوظائف التى أصبح من الممكن إتمامها ببساطة فى عالم الديحتال بكفاءة عالية وجودة فائقة وإن الحل الوحيد والضامن الأساسي للنجاة من هذه الأزمة والابتعاد عن منابع تهديداتها هي أن تكون جزء من التقدم لا عائق له فابدأ الآن قبل أن يفوت الآوان